kharabish

السبت، 17 ديسمبر 2011

خرابيش -3 الحريه

خرابيش -3
الحرية
وللحرية الحمراء باب      بكل يد مخضبة يدق
وأنا أشاهد وأسمع وأقراء ألام الأرض وهي تتشقق ليخرج منها براعم حقول الربيع العربي يأخذني أرشيف الذاكرة الى دروج الدراسة في مدرسة خالد بن الوليد في نهايات الستينات من القرن الماضي, أنفي بدء يتنفس رائحة الرطوبه التي كانت تتسلل الى الفصل من نوافذه المفتوحه والمطله على الدائري الرابع في مدينة حولي لتصل بثقلها الى صدورنا وهاهي أذناي تسمع صوت مراوح الفصل وهي توزع علينا الهواء بكرم عالي ليجفف حبات العرق التي تنساب من بين خصلات شعر رؤوسنا, وهاهو أستاذ اللغه العربيه محمدعبد الحميد بسيوني يقف بقامته الطويله وهو يقراء لنا من على لوح الفصل بيت الشعر هذا ومن ثم يسير مابين الدروج ملوحا بيديه كأنه يمثل دور الأبطال اللذين يحاربون على قناة السويس في حرب الأستنزاف ويرسم لنا صورا من دق باب الحريه بما يفعله الفدائيون من أساطير تروى عل عروق أرض فلسطين, كانت عيناه تنتقل مابين أعيننا ليرى الحماس الذي كان يبثه في قلوبنا وعقولنا الصغيره وقد كنا كلنا كأننا شخص واحد شاخصة أبصارنا اليه وكأننا نرى من بين زوايا عباراته أبتسامات الشهداء وكأنها مشاعل على أرض وعره مغطاة بليل طويل.

اليوم أفهم أكثرمعنى هذا البيت وأتعجب من كل العالم الذي يتعجب مما تنبته رمال الربيع العربي فالتاريخ يسجل في صفحاته أحداثا لم يشهدها من قبل شعوب تتجرع الموت صباح مساء وعلى مر تسعة وعشرأشهر متواصله وتجابه كل الأله العسكريه غليظة العقاب قاسية المراس بصدور عاريه وحناجر مبحوحة وكلما زادت عصا الظالم ضرباتها كلما زاد هؤلاء الناس اصرارا وعددا وزاد تنوع أعمارهم وأجناسهم وخلفياتهم. العالم يتابع ويشاهد ويتسأل كيف يستطيعون مانوع العقول والقلوب التي يحملونها وهل هي الحياة رخيصة عندهم الى هذا الحد؟

الكثير يراهن على مرحلة اليأس وحد الفتور وخبو شعلة الحماس مع طول الزمن وزيادة الضرب تحت الحزام وكلما يضعون توقيتا يخبو بعده نور الشمعه يجدون أنفسهم أمام بداية جديده لشمعة جديده بنور أكثر شبابا وأشتعالا ويزداد التساؤل كيف يكون ذلك مانوع الطاقه التي تعطي كل هذا الزخم والأصرار والصبر بالرغم من كل أنواع القتل والتنكيل والمهانه والتعذيب.

وترجع بي ذاكرتي مرة أخرى الى الأستاذ بسيوني والى درس السيرة النبويه من حصة الدين حيث كان مدرسا للدين بالأضافه الى اللغه العربيه وهو يصف لنا معركة الخندق وقد جمعت قريش من كل قبائل الجزيره العربيه جيشا جرارا مجهزا بكل أعتدة الحرب الفتاكه ويسير بأسراب من الخيول والجمال تحمل فرسانا ومخزونا من المؤن والماء وتحاصر طيبه وأشاوس الكفر واثقة من الغلبه بما تملكه من عدد وعتاد ويقف الصحابة حول رسولهم الكريم وقد بلغت القلوب الحناجر وهم يرون الموت يحيط بهم من كل جانب وقائدهم يقول ألا أن نصر الله قريب, وتهب جنود السماء من رياح ورمال لترفع رايات النصر والحريه.

فأما حياة تسر الصديق     وأما ممات يغيظ العدى

المخربش
رياض غوشه
ديسمبر 17- 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق