kharabish

الخميس، 12 يناير 2012

خرابيش -8- حسن البواب

خرابيش – 8
حسن البواب

في العام الخامس بعد الألفين قررت أن أنفذ مشروعا حلمت به طويلا مجلة شهريه باللغه الأنجيليزيه بأسم المربع الأول هدفها الأول رسم الصورة الحقيقيه للجاليه الأسلاميه في دالاس- تكساس لعكس الوجه المضيئ لأناس تركوا أوطانهم وأحبتهم في سبيل العيش الكريم وكسب لقمة العيش بالحلال وكنت أشعر بضرورة نشر مطبوعة بهذا المضمون لتعمل ولو حتى بنتائج بسيطه بتجميل الأنطباع المشوه الذي رسمته الأله الأعلاميه للأنسان المسلم الأمريكي. وعقدت العزيمه وبدأت العمل كصحفي ومصور ومصمم ومندوب أعلان ولاقيت التشجيع من كل من حدثته عن الفكره والهدف منها.

من زوايا المجله "قصة نجاح" خصصتها لتكون في كل عدد حول تجربة أحد أفراد الجاليه في كفاحه من أجل النجاح والتفوق, وبناء على أتصال هاتفي زارني صديقي اللبناني فادي طباره فتى في العشرينات من العمر أرسله والده ليصبح طبيب أسنان, مهنة لم يتعلق بها قلبه لأنه كان شغوفا بعالم التجاره حيث نجح فادي بتأسيس شركه لتركيت كاميرات التصوير للمحلات التجاريه ومحطات البنزين وقد حقق من عمله الكثير من الربح والنجاح وكان يستشيرني كأخ أكبر بكيفية التواصل مع والده الذي كان حريصا على أن لايخيب ظنه بحلمه بأن يصبح أبنه طبيب أسنان, كان مع فادي صديقه حسن البواب شاب من جنوب اللبنان أرسلته أسرته الى تكساس ليدرس علوم الكمبيوتر , أمام فادي طويل القامه يبدو قصيرا بقميصه الأزرق وبنطولنه الجينز رأيت بعينيه حماس متقد وهو يحدثني عن الساعات الطويله التي يقضيها أمام شاشة الكمبيوتر ليكتشف أسرار الأنترنت وليطور ماتعلمه في برمجة الوب, كان قد أستلم عملا جديدا له مع شركة فدكس وهو في غاية النشاط لوظيفته الجديده وما سيحققه بها.

لم يرى العدد الأول من المربع الأول النور لأن يد واحده لاتستطيع التصفيق, ولم أرى حسن البواب منذ ذاك اليوم.

في الأسبوع الأول من هذا العام أستثمرت بعض من وقتي للأطلاع من خلال الانترنت على الشركات المنافسه لعملي لرؤية صوره أوضح عن السوق, وخلال تصفحي صفحات الوب توقفت وقد عقدة المفاجأه لساني عندما بدئت مشاهدة عرض مصور عن أنجازات شركة ماجيك لوجيك.

العرض يتحدث بإيجاز عن أنجازات حسن البواب صاحب ومدير شركة ماجيك لوجيك التي صنفت من ضمن أول خمسمئة شركه في الولايات المتحده تطورا ونجاحا وأخذت أغوص شيئا فشيئا بالأعمال التي حققها حسن لكبريات الشركات الأمريكيه المعروفه عالميا. في اليوم التالي أتصلت بحسن وأعربت له عن سعادتي بما رأيت وطلبت مقابلته لتهنئته على نجاحه وقد أستقبل هاتفي بكل سرور وموده.

في طريقي الى لقائي مع حسن اليوم كان يختبئ بين ستائر قلبي خوف بأن يكون الشاب الذي عرفته قبل سبعة سنين قد غيرته متع النجاح والشهرة والثروه لكن هذا الاحساس تبخر مع لحظة دخولي مكتب حسن بعد أن وقعت عيناي على أية الكرسي معلقة بجانب النافذه ونسخة من المصحف الشريف في صدر مكتبته وبعض المقتنيات مما يذكره بلبنان. بالرغم من بدلته وقميصه المكوي فأنك للوهله الأولى تحس ببساطة حسن وتواضعه لكنه لايخفي عليك فخره بما حققه في خلال فتره قصيره نسبيا من الزمن وجلست مصغيا لمشوار البواب في عالم التكنولوجيا والأعمال والذي أبتدء مما تعلمه في شركة فدكس ومن معايشته واطلاعه على كيفية العمل بالشركات الكبرى,ومن خلال ماوجهه من مصاعب وكيف تغلب عليها بالتعلم من أخطائه وأصراره على أن يكون دائما متقدما بعدة خطوات على منافسيه وعلى اصراره أن يقدم الافضل مع عدم تنازله عن مايستحقه مقابل مايقدمه من خدمات مما أكسبه أحترام عملؤه وموظفيه ونيله الكثير من شهادات التقدير على مستوى ولاية تكساس والولايات المتحده.

وبلكنته الجنوبيه أوضح لي فخره بأنه عربي مسلم لبناني فلم يغير اسمه الى سام أو زاك وفي أجابته لأحدى القنوات التلفزيونيه عن ان ذلك سيعرضه للتمييز في بلد مثل أمريكا قال أذا كان هناك ستون مليون أمريكي لايريدون التعامل معي لكوني عربي أو لبناني او مسلم فانه مازال هناك ثلاثمئة مليون أمريكي سيحبون ان يتعاملوا معي.

خرجت من عند حسن وأنا أتخيل والدته في جنوب لبنان والفرحة في عينيها لما تراه وتسمعه من نجاح حققه أبن بطنها كيف وهو يتلقى دعوات من جامعات أمريكيه وأوروبيه ليحاضر بها عن عالم الانترنت وآلات البحث بها وكذلك عن العروض المغريه التي يتلقاها من شركات أستثماريه لشراء شركته أو المشاركه بها مقابل ملايين الدولارات.

كم حسن في عالمنا العربي أطفئت شمعته وخنقت وكم حسن في عالمنا الغربي أضاء دروبهم بنور شمعته

المخربش
رياض غوشه
يناير 12 - 2012

السبت، 7 يناير 2012

خرابيش 7 - الخيال والمشاعر والأبداع

خرابيش – 7
الخيال والمشاعر والأبداع

في السنوات الأولى من الطفوله "طفولة الستينات من القرن العشرين" كانت عيوننا تراقب بنهم المسلسلات والأفلام الأمريكيه "أبيض وأسود" والتي كانت معظمها تدور حول الكاوبويز والهنود الحمر وحول بطولات أمريكا والحلفاء في الحرب العالميه الثانيه, كان أكثر ماتتعلق به قلوبنا دور البطل وذكائه وقوته الخارقه وأنتصاره على العدو الشرير. لنعيش دور الكاوبوي كنا نتقلد المسدسات البلاستيك على أن يكن حزام المسدس محكم الربط تحت خصورنا وبيت المسدس مربوط حول فخوذنا, والقبعه أذا توفرت, وعصاة طويله نركبها على أنها الحصان وبالتأكيد لابد من الحبل الذي يختلف طولا وسماكة حسب مايتوفر لنا مما نجده في البيت أو ما نلتقطه من الطرقات والباقي ركض خلف بعضناالبعض وحناجرنا تغرد بلا تعب أو ملل صوت الرصاص والشاطر من يتقن صدى صوت الرصاص عندما يزن من اصابته لجدار صلب كما كنا نسمع من التلفاز. وللتغيير كنا نلعب دور القوات الأمريكيه بمحاربة ألالمان وكانت أسلحتنا مما تستطيع أيدينا أن تصنعه من الخشب كبنادق ورشاشات, وقد كان لي رشاش خاص صغير أخترعته من منشار للحديد حيث أن يدي المنشار تمثلان يدي الرشاش وقد كان مصدر حسد من جميع من يلعب معنا لتفوقه شكلا على الخشب الذي كانوا يحملونه. كان أكثر ماأتقانه هو كيفية رسم الخطط في الهجوم والدفاع وعمل الكمائن للخصم وبالتأكيد تنهتي اللعبه بعدم أتفاقنا وأختلافنا حول من غلب ومن أطلق الرصاص أولا ومن فاز.

حتى نعيش الدور حتى الثماله وننتعش بمشاعر الرجوله والبطوله كان لابد أن ننبطع على البلاط ونزحف أو ننط من على سلالم درج البنايه ونمشي فوق سورها وقمة المتعه أذا كان هناك قريبا منا مشروع لبناء بناية أو شق شارع جديد حيث تكون مخلفات ومواد البناء مسرحا غنيا لمكان المعركه فبين تلال الرمل وخلف أكياس الأسمنت والطابوق المصفوف كنا نركض ونختبئ وتدور رحى معركه عالية الصراخ من اسلحتنا الخشبيه وعلب الصفيح الصغيره التي كنا نقذفها على بعضنا البعض كأنها قنابل يدويه.

كل مساء كنا نرجع الى بيوتنا وقد رسمت أنهار العرق خطوطا على وجوهنا والتراب قد عفر شعورنا وقفزنا وأنبطاحنا قد ترك أثارا على مانلبس من طين وأوساخ وخروق لها في بعض الأحيان, والجروح التي كانت على أكواعنا وركبنا تمثل مصدر فخر لنا لصولاتنا وبطولاتنا. طبعا الوضع كان مختلف تماما مع والدينا لكن بالرغم من التوبيخ والعقاب كانت معاركنا الحربيه تخاض من جديد كل يوم.

وأنا الأن في الخمسينات من العمر مازلت أحمل بين ضلوع صدري نفس مشاعر تلك الأيام وألعب نفس اللعبه مع المنافسين لي في السوق وكيفية الفوز بصفقات جديده وكيف أتجسس من خلال الأنترنت على مايدور حولي فأطور بوسائل التسويق لدي حتى أظل متقدما على غيري وكما هي حسرات الخساره وجلد الذات فهناك حبور الفرح عند النصر والفوز.

"وماالحياة الدنيا الا لهو ولعب"

المخربش
رياض غوشه
يناير 7-2012