خرابيش – 7
الخيال والمشاعر والأبداع
في السنوات الأولى من الطفوله "طفولة
الستينات من القرن العشرين" كانت عيوننا تراقب بنهم المسلسلات والأفلام
الأمريكيه "أبيض وأسود" والتي كانت معظمها تدور حول الكاوبويز والهنود
الحمر وحول بطولات أمريكا والحلفاء في الحرب العالميه الثانيه, كان أكثر ماتتعلق
به قلوبنا دور البطل وذكائه وقوته الخارقه وأنتصاره على العدو الشرير. لنعيش دور
الكاوبوي كنا نتقلد المسدسات البلاستيك على أن يكن حزام المسدس محكم الربط تحت
خصورنا وبيت المسدس مربوط حول فخوذنا, والقبعه أذا توفرت, وعصاة طويله نركبها على
أنها الحصان وبالتأكيد لابد من الحبل الذي يختلف طولا وسماكة حسب مايتوفر لنا مما
نجده في البيت أو ما نلتقطه من الطرقات والباقي ركض خلف بعضناالبعض وحناجرنا تغرد
بلا تعب أو ملل صوت الرصاص والشاطر من يتقن صدى صوت الرصاص عندما يزن من اصابته
لجدار صلب كما كنا نسمع من التلفاز. وللتغيير كنا نلعب دور القوات الأمريكيه
بمحاربة ألالمان وكانت أسلحتنا مما تستطيع أيدينا أن تصنعه من الخشب كبنادق
ورشاشات, وقد كان لي رشاش خاص صغير أخترعته من منشار للحديد حيث أن يدي المنشار
تمثلان يدي الرشاش وقد كان مصدر حسد من جميع من يلعب معنا لتفوقه شكلا على الخشب
الذي كانوا يحملونه. كان أكثر ماأتقانه هو كيفية رسم الخطط في الهجوم والدفاع وعمل
الكمائن للخصم وبالتأكيد تنهتي اللعبه بعدم أتفاقنا وأختلافنا حول من غلب ومن أطلق
الرصاص أولا ومن فاز.
حتى نعيش الدور حتى الثماله وننتعش بمشاعر
الرجوله والبطوله كان لابد أن ننبطع على البلاط ونزحف أو ننط من على سلالم درج
البنايه ونمشي فوق سورها وقمة المتعه أذا كان هناك قريبا منا مشروع لبناء بناية أو
شق شارع جديد حيث تكون مخلفات ومواد البناء مسرحا غنيا لمكان المعركه فبين تلال
الرمل وخلف أكياس الأسمنت والطابوق المصفوف كنا نركض ونختبئ وتدور رحى معركه عالية
الصراخ من اسلحتنا الخشبيه وعلب الصفيح الصغيره التي كنا نقذفها على بعضنا البعض
كأنها قنابل يدويه.
كل مساء كنا نرجع الى بيوتنا وقد رسمت أنهار
العرق خطوطا على وجوهنا والتراب قد عفر شعورنا وقفزنا وأنبطاحنا قد ترك أثارا على
مانلبس من طين وأوساخ وخروق لها في بعض الأحيان, والجروح التي كانت على أكواعنا
وركبنا تمثل مصدر فخر لنا لصولاتنا وبطولاتنا. طبعا الوضع كان مختلف تماما مع
والدينا لكن بالرغم من التوبيخ والعقاب كانت معاركنا الحربيه تخاض من جديد كل يوم.
وأنا الأن في الخمسينات من العمر مازلت أحمل
بين ضلوع صدري نفس مشاعر تلك الأيام وألعب نفس اللعبه مع المنافسين لي في السوق
وكيفية الفوز بصفقات جديده وكيف أتجسس من خلال الأنترنت على مايدور حولي فأطور
بوسائل التسويق لدي حتى أظل متقدما على غيري وكما هي حسرات الخساره وجلد الذات
فهناك حبور الفرح عند النصر والفوز.
"وماالحياة الدنيا الا لهو ولعب"
المخربش
رياض غوشه
يناير 7-2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق