kharabish

الأحد، 21 مارس 2010

الى أم رياض مع التحيه 2010

الى الأم الحبيبه أم رياض مع التحيه

بعد أن بدأت أصابع يدي الصغيره تعرف كيف تمسك القلم كانت عيناي تعشق سطح الصفحة البيضاء التى تشقها خطوط متوالية زرقاء, كان كل خط رمادي داكن يتركه رأس قلم الرصاص الذي تجره يدي بخفة ورشاقة يلمس جدران قلبي التي تخفق عشقا لخط أخر يقطعه أم يكمله أو يقلده في سيره وأنحرافه.

كانت عيون زينب تأتي بين الفينة والأخرى من وسط زحام عبق طعام على النار أو بخار ماء يغلي مع فقاقيع صابون يتصارع مع ما علق من غسيل أبيض لتنظر الى ماتراه عيوني على ماشكلته يدي على بشرة الأوراق التي أمامي وتبادل نظرتي لها بنظرة تؤازرها أبتسامة أستمد منهما رضى وتشجيعا فيسريان في عروقي لأزيد وأستزيد.

وأسمع صوتها يناديني: رياض هات يأمي اللي رسمته اليوم علشان يشوفه عمك صبحي وعمك بدر. وتتسابق قدماي الصغيرتين ويداي تحمل أوراقي ممدوده ليتصفحها أعمامي وهم يغمروني بأبتسامات الفخر وكلمات التشجيع وعبارات التنبؤ بأنني ساصبح مهندسا عظيما, ومن وسط الضجيج الذي يحيطني كنت حريصا أن أراقب نظرة الفخر التي كانت تتدفق من مقلتيها وتلك الأبتسامه الرقيقه التي كانت تسقي ظمئ موهبتي بماء رقيق عذب.

وكبرت وكبرت معي ما أكرمني به الله من موهبه وظللت دائما أذهب لأطلعها على كل ماأرسمه ولأنهل منها حماسا وأملا بعمل أفضل, وقالت أريد أن ترسم لي رسمة بها ماء وخضرة وشجر, وأخذت لها لوحتي وقد تفننت بها ريشتي بألوان البحيرة الزرقاء وأمواجها الرقيقة البيضاء والتلال الجميلة الخضراء تحيطها أشجار عظيمة الأغصان تظللها, فأخذت بناظريها تتنقل بين زوايا مارسمت والتفتت ألي وقالت: يأمي بدي هيك يكون هناك واحد عم بيستمتع بكل هذه الطبيعه وقاعد عم بيصيد سمك من البحيرة.

عمل لهذه اللوحه أطار جميل بيدي زوج عمتي أبوهاني السريخ وعلقت بغرفة الصالون ببيتنا لتفتخر بها أم رياض أمام ضيوفها وهي تشرح لهم كيف طلبت وكيف نفذت ليزيد ذلك يقيني في نفسي وحبي لهوايتي التي أصبحت مهنتي.

وعندما تحب الحياة أن تسقيني قليلا من مرارة متاعبها كنت أذهب مسرعا شاكيا بين ذراعي أمي المذاق الذي تجرعته فتنظر الي تلك النظره المحفورة في ذاكرتي والتي تلازمني في نهاري وليلي وتهديني بكرم بضع كلمات أستجمع بها قوتي تؤجج بها بداخلي نار مرجل من الحماس والتفائل والقوة أقوم من بعدها كأني أنسان جديد مستعد أن يدخل بصدره أعتى الصعاب وأعقدها.

خلال العقديين الماضيين وبسبب بعدي عنها وخوفي على قلقها وأنشغال فكرها كنت أخفي عليها ضعفي وحاجتي لأشكو لها, ودائما أطمئنها بأن أبنها قوي يستطيع مواجهة الشدائد وأحاول أن أزرع بها الأمل بأننا سنلتقي قريبا. لكن قلبها الذي يستطيع أن يقرء نبضاتي مهما حاولت أخفاء صوتها وببصيرته يستطيع أن يحس بحيرتي وحزني أو فرحي كان دائم التفكير بي ويؤرقها. وتتصل بي لتسأل عني ولتتطمئن علي وبأصرار تحلفني أن أقول مالدي فقد رأتني بالحلم أجلس داخل غرفة صغيرة ضيقة تكاد جدرانها أن تلتصق بي فأجد نفسي عاريا أمامها لكن لساني ومن ورائه قلبي يصر ويؤكد أنني بخير وأنها أضغاث أحلام فهو يخاف على قلبها من الحزن والقلق وخصوصا أن المسافات تحول من أن تفعل لي أي شيئ.

 وتقول لي: ياأمي دائما يخيللي أنك داخل علي من الباب, وأنا أثني على قولها وأقول لعل ذلك قريب فكل شيئ بمشيئة الله التي بين الكاف والنون, وتمضي السنون عسى أن يجمعني الله بها بالفردوس الأعلى لأرتمي من جديد في حضن قلبها الحنون.

رياض غوشه
مارس 21, 2010
بمناسبة عيد الأم