kharabish

السبت، 4 يوليو 2015

رمضانيات 2015 - فقط أبطال الفيلم مختلفون -3

رمضانيات 2015
فقط أبطال الفيلم مختلفون -3

يمتع عينيه أولا برؤية الفقعات الصغيره تتحرك وتتلاصق وتتدافع نحو الجدار وبخار السخونه المتصاعد يحمل الى أنفه أروما القهوه التي تتصاعد الى مزاج رأسه فترتفع أصابعه بالفنجان الى شفتيه الحذرتين من لسعتها فتأخذ رشفة سريعه ومع بلعها تستطيع أن ترى أن تقاسيم وجهه تغيرت  لتعبر عن الرضا والأستمتاع. وحتى تكتمل المعادله يأخذ شفطة طويله من مبسم نارجيلته ومن خلال بياض دخانها ينظر الى صديقه ويتوجه له ليكمل تسلسل حوارهما: نحن لانختلف على أن التوحيد هو منتهى الرساله ومركز فحواها لكن علينا أن نتفكر قليلا بوسيلة نقل هذه الرساله لتصل الى متلقيها واضحه مبسطه سهلة الأستيعاب وكأنها تصب صبا في القلوب.

يأخذ هو الأخر رشفة من فنجان قهوته ويرد الصديق على صاحبنا بصوت ماء نارجيلته وهي تطبل حماسا قائلا: أفضل شيئ علينا أن نعيش اللحظه وننتقل بالخيال من هنا الى هناك وكأن رسولنا الكريم جاء ليحدثنا ويدعونا ليهدينا كيف سيكون السيناريو والحوار ...

وعم سكون طويل على صاحبنا وصديقه, وكأن كليهما تفاجئا بالأنحراف الحاد في سير الحديث وقد بدئا يعيشان تفاصيل الخيال وكأنه يتجسد واقع امامهما, وصاحبنا عليه مسؤولية وصف الصوره, وبصوت فيه رعشة خفيفه قال: سأصف لك مع أنه وصف صعب أدعو معه الله أن يعينني ليكون أقرب لحقيقة الحال من المحال, أنني أحس بأنني أراه يحييني مبتسما ابتسامة طمئنينه وسكينه, أبتسامة تهدئ من أحاسيسي وتهيئها لتستقبل منه, هذه الأحاسيس تتفاعل مع نفسها لأنها تستدرك ما بأرشيفها عن هذا الأنسان من أصالة النسب وحسن المكانه وطيب السمعه, عن الشخصيه الطيبه الحنونه المحبه الخجوله الكيسه القويه العفيفه الشريفه, عن صيت خالي من الكذب, الخداع والخديعه, المطامع, الضرر او الضرار, ذو اليد الكريمه المعطاءه السخيه الرحيمه, كل ذلك يجعل نفسي باب مفتوح على مصراعيه لتلقي ما سيقوله لي سيجعل كل خطوط دفاعي الأولى والأخيره التي تكون متأهبه مستعده عند مقابلة أي شخص لأول مره أن تكون مطئطئة الرأس مستسلمه مسالمه طيعه, ستكون كل حواسي وأحاسيسي مستنفره متيقظه في كامل تركيزها ووعيها لما سيقوله لي.

ويدخل الصديق في منتصف طريق الحديث وهو يعيش الصوره بكل تفاصيلها قائلا: أنني أكاد أن أرى عينيه وبها بريق خاص أنعكاس لنور خارج من قلبه مستقيما الى قلبي يوقظ به كل نبضات الحب, حب تشعر به منطلقا منه أليك, حب ملفوفا بالأهتمام والخوف عليك والرأفة بك
حب يريد أن يخرجك من الظلمات الى النور, حب يشعرك بأنسانيتك بكونك واحد من بني أدم, حب يدعوك لأن تكون معه تسير خلفه الى الخلاص والمستقر الكريم.

ويعيد صاحبنا صديقة الى واقع اليوم وكأنه أكتشف شيئا ثمينا قائلا: أنه الحب أي نعم أنه الحب راجع مع نفسك كل ماقلته قبل قليل, أنه العطاء قبل الأخذ, لقد كان حبه لكل المخلوقات وكل الناس حب مخفوق بالحرص على أن ينقذ ويساعد ويهدي كل البشر الى جادة الحق وطريق الصواب لم يختص القوي او الغني أو ذو المنصب والجاه كلم الصغير والكبير, المرأة والرجل, الفقير والثري, الجاهل والمتعلم, القريب والغريب, لقد كان حب بعطاء لا حدود له.

ويسكت الأثنين قليلا والصوره مازلت تتلئلئ امام ناظريهم ويسترسل صاحبنا بالحديث من جديد, لقد كان الحب مع رسولنا الكريم هو الأداه التي فتحت قلوب الناس فتشربت التوحيد بيسر وسهوله, لم يكن صلى الله عليه وسلم يقيم الناس ويحكم عليهم بأي حكم أو تشخيص مسبق كان يدعوهم جميعا وكان بعيد النظر بدعوته ويظهر ذلك جليا في رده على ملك الجبال عندما خيره بأن ينتقم من أهل الطائف عندما ردوه وحطو من شأنه وآذوه, فرفض و قال له ربما يكون من نسلهم من يوحد الله.

ويستلم حبل الحديث صديقه المنفعل: أرجع الى السيرة كلها وبالأخص عندما كان رسول الله يدعو في مكه, بالرغم من كل الكراهيه والحقد والأيذاء والقدح والتحريض اللغوي واليدوي من قيادات قريش ألا أنه لم يعاملهم بمثل ما عاملوه كان ببساطة يشفق عليهم من جهلهم وغرورهم كان حتى لايدعو عليهم وهو ذو الدعاء المستجاب بل كان يدعو لهم بالهداية وأن ترى قلوبهم نور الحق وتعرف طريق الصواب, لقد كانت دعوة رسولنا الكريم ملحمة لكل من يريد أن يدرس ويتعظ بين حب الخير للناس وحب الذات ولو على حساب الناس, يظهر ذلك جليا بالعرض الذي قدمه سادة قريش على النبي الكريم عندما أسقطوا وقاسو حبهم للدنيا ومباهجها على الرسول كأنسان فعرضوا عليه ماتطير به أحلامهم من الملك والسياده والثروه والنساء على أن يترك دعوته فكان رده أنه حتى لو ملك ماهو أعظم من ذلك كالشمس والقمر فلن يترك رسالته بهداية الناس لأن حبه لله ولدعوته أعظم وأكبر.

ويعقب صاحبنا عاصرا لب الحوار: لقد ضرب لنا رسولنا الكريم المثل الأعلى والأمثل في التعامل مع كل ماحولنا من جماد وحيوان وأنسان بالحب والرحمه والصبر, والأمثله على ذلك كثيره لا أعلم من يدعون بأنهم أتباعه وعلى سنته تحت ألقاب ومسميات أبتدعوها من أين أتو بكل هذه الكراهيه والعنف والتعنيف والتعنت والتشدد فعم الجهل وازداد سعير القتل والحرق والتفرقه. لقد ضيعو سر مافي رسالة محمد هو حب الخير لكل البشر والسعي لهدايتهم الى الصراط المستقيم بالحسنى والكلمه الطيبه والمثل الأعلى.

وقبل أن ينطق صديقه بما يريد أن يقول, أوقفه وقال له أصبر سأعمل فنجان قهوه ثاني نختم به حوارنا وليساعدنا على التفكير والأستيعاب ومقاومة جيش النعاس الزاحف علينا.

رياض غوشه
3 يوليو 2015