رمضانيات 2015
فقط أبطال الفيلم مختلفون -2
الموضوع مازال يشغل ملفات تفكيره, في خياله
يرى قريش كما يرى العالم كله اليوم, بل أن البلاء والظلم والعربده والأستعباد
والأستغلال أكثر عمقا وأشد ألما والثلاثمئة صنم التي كانت حول الكعبه هي اليوم
ثلاثمئة ألف فمن يعبد الكريدت كارد أو يسجد للمارسيدس والكل يحترف النفاق ومسح
الجوخ ولصعود السلم للأعلى يتم القفز على أنفاس البشر وكل مابنته البشريه من مكارم
الأخلاق. يضع لصديقه نارجيلته الخاصه للضيوف وصحن من الفاكهه وكباية من عصير
البرتقال ويجلس بجانبه يمسك ملقطه ويعدل وضع الفحم المشتعل فوق قبعة الألمنيوم
المخرمه التي تغطي رأس معسل التفاح ويدورها بأحتراف حتى لا تحرق الرأس.
ومع الدخان الثقيل الذي يخرج مندفعا من أنفه
وفمه يلقي ماتحمله أفكاره بين يدي صديقه ليسأله الرأي والمشوره. ماذا فعل محمد خير
البشر مع البشر في ذلك الزمان كيف أستطاع أن يبارز الظلم ويفتح أبواب النور للناس؟
صديقه أطال السكوت تاركا مجالا لمداركه
لترتيب الكلمات ثم نظر اليه قائلا: عندما نرجع الى بدايات الدعوه لم يكن الدين بعد
دعوة لصلاة وزكاة أو صيام, كان الأمر ينصب على أمرين مهمين جوهريين هم مركز الدين
الجديد ومحور دعوته: أن لاأله ألا الله وأن محمد عبده ورسوله, كلنا يعلم قصة أل
ياسر وبلال كانت كلمة أحد أحد هي مداد القوه والعزيمة والصبر, لم يكن دين الأسلام
الذي نعرفه اليوم قد تبلور وتشكل بعد, لكن كان الأيمان بصلادة الألماس لا يكسره
ظلم وقهر أو جبروت, لقد فهم واستوعب الرعيل الأول من المسلمين معنى التوحيد, تعرفو
على الخالق الكريم الرحمن الرحيم, أحسو به, رأوه بقلوبهم, تعلقت به عقولهم
وأرواحهم, وأقرو بربوبيته وأتخذوه ألاها وصدقو بأن محمد هو رسوله وحامل رسالته
فأطاعوه وأتبوعوه وفدوه بأرواحهم, لقد عقدو صفقة مع خالقهم فيها الفوز العظيم ومن
أجلها لم تعد تهمهم بيوتهم وأموالهم ولا غضب أهلهم وقبيلتهم, اشتروا الأخرة وكانوا
سعيدين بدفع ثمنها.
تناول صاحبنا الحديث من صديقه وقال معقبا:
أستطيع ان ألخص ماقلت بأنه الشهادتين هما ماعلمهما الرسول النبي لأصحابه, لقد فكرت
كثيرا بلغوية الشهادتين, لماذا علينا أن نقول أشهد أن لااله الا الله واشهد ان
محمدا عبده ورسوله, لماذا لم تكن أمنت, أو أسلمت أو صدقت أو أيقنت, حتى نستوعب
أكثر في المحكمه يسأل القاضي الشاهد, ويجيب الشاهد نعم لقد شاهدت كذا وكذا كلمات
عليه ان يكون مصدقا وموقنا ومتاكدا من كل كلمة يقولها لما عليها من تبعات ومسؤوليات
قد تكون سببا في براءة او عقاب أنسان. لقد فهم المسلمون معنى الشهاده التي
يقولونها وماهي تبعاتها ومسؤولياتها ولاينطقونها وهناك شك أو تردد ولو بسيط
ويعلمون بأنها بنطقها ينتقلون من عالم الى عالم أخر, عالم الأسلام والتسليم عالم
الإيمان واليقين, تصبح صدورهم مدرجا وقلوبهم منارة لنور الرحمه تهبط عليهم فينعمون
بسعاده وسكينه لم يعرفوها من قبل, ومستعدون لدفع كل ثمين دون أن يفقدوها. يحضرني
بذلك أسلام خالد بن الوليد شاب يافع غني من قبيلة عريقه وذومنصب عظيم أمور غاليه
كانت تغالب تفكيره ووعيه حتى غلبها وجلس بين يدي رسول الله وخلع كل مايلبسه من
مباهج الدنيا وأسلم أمره لله وأصبح سيف الله المسلول.
والتقط الصديق كرة الحديث قبل أن تتوه منه
أفكاره وهي تتجسد أمامه ويقول: نعم صحيح بالفعل, لقد توقفت كثيرا أمام قصة سحرة
فرعون عندما رأو أفعى موسى وهي تبتلع سحرهم أنهم يعلمون علم اليقين ان هذا ليس
بسحر ولكن معجزة الخالق القادر الجبار فخرو سجدا دون تردد لأله موسى وهارون, علم
يقين بشهادة تحدو بها تهديد فرعون, علم يقين عرفو به أن هناك دنيا وأخره وحساب,
علم يقين عرفو كم هو فرعون صغير ضعيفا عاجزا أمام الجبار العظيم المتعال فلم
يأبهوا له ولا لعذابه وأستتفهوا الحياة الدنيا عندما عظمت عندهم الأخره واصبحت هي
المنال والأمل والمنى. وكذلك أيمان ماشطة أبنة فرعون والله كلما اتخيل موقفها وهي
ترى أولادها الخمسة يرمون بالزيت المغلي أمام ناظريها وترى لحمهم يذوب وعظمهم يطفووهي
مصرة ولاتتنازل أن تقول أن فرعون ربي, لا استطيع تحمل التخيل نفسه فكيف تحملته هي
لقد أنطق اللطيف لسان أبنها الرضيع حتى يربط من جأش قلبها ويثبتها, والله انه
لأيمان ينير كل ظلمات الأرض.
وبعد هنيهة صمت يستدرك صاحبنا متسائلا: هل ياترى
رؤية الناس للأنبياء والرسل والمعجزات كان سببا في قوة أيمانهم, أتعتقد لو كان
نبينا محمد بيننا الأن سيكون أيماننا أفضل.
مع أبتسامة ساخره رد صديقه: دعنا نقلب سؤالك
وأتحداك أذا كان فرعون بيننا ورأى الطائرات ورجال الفضاء على القمر وماتراه
الميكروسكوبات الدقيقه وعلوم الطب والدواء وسيارات الرفاهيه وناطحات السحاب وجوالك
هذا لأمن دون تردد.
بعد هل حديث قوم سويلنا فنجان قهوه علشان
نصحصح.
رياض غوشه
28 يونيو 2015