رمضانيات 2015
فقط أبطال الفيلم مختلفون
تأخذ مكانك المعهود في البيت تملؤ زاويتك
وتسند ظهرك, بيمينك ريموت التلفزيون وبيسارك مبسم نارجيلتك, وأمامك كاسة شاي خمرية
اللون متعرقه من السخونه وقد وضعت لك أم العيال بعض البسكويت والمكسرات حتى لا
تزعجها بطلباتك, ومع شعورك بأن الأمن مستتب وبأنك رب البيت المطاع, ترفع يمينك
وتضغط بأبهامك على زر الأشعال لتضيئ الشاشة الزرقاء والكل لا يهمس فأنت تريد
مشاهدة الأخبار ...
تمام مثل كل يوم دم يسيل أنهارا من عروق
المسلمين من سوريا للعراق فاليمن مرورا بليبيا الى سجون مصر وجبال لبنان, وأخر
منتجات مصانع الغرب العسكريه تجرب في الأمه هدما وتحطيما ودمارا, ويشرد الملايين
هروبا لايجدون ملجئا ولامأوى, ورائحة الموت لاتعرف منها من الغالب ومن المغلوب.
ومازالو يجتمعون في مؤتمرات ولقاءات للحوار ووفود تأتي وتتوسط وتذهب وماهي الا
أحصاءات كم من قتيل وكم جريح.
وتأتي أخبار باقي اصقاع العالم, معارض,
مباريات, سياحه, تجاره وأقتصاد, وكأن أمتنا تقع في كرة أرضيه غير الأرض التي
نعرفها ...
تعتدل بجلستك وتحترق أصابعك وهي تمسك كاسة
الشاي, ويقف أمامك سؤال ماذا يريدون منا, أنهم يصولون ويجولون بكل زوايا ديارنا,
يأخذون مايريدون والكل تابع لهم يطيع أمرهم ويعمل مايرضيهم, كيف نستطيع أن نقنع
العالم بأننا أناس مسالمون طيبون نريد أن نعيش بسلام, وأن ديننا دين سلام, ماذا
يريدون لماذا يكرهوننا كل هذا الكره ولماذا كل هذا الحقد, من الصين الى بورما
فروسيا ....
حتى نستطيع أن نفهم ونستوعب علينا أن نرى
الصوره من الجانب الأخر, وحتى ندرك علينا أن نعود الى المربع الأول الى الأيام
الأولي لبزوغ فجر الأسلام. خذ نفسا جديدا من نارجيلتك وعندما تنفثه حلق بعينيك في
بياض دخانه ولنذهب سويا الى مكه في ذلك الزمان سنرى البيوت والجمال والناس كما
تصورها لنا السينما العربيه, ومن حول الكعبه سنختار أحدى دوواوين قادة قريش وكبار
تجارها وأشرافها بغض النظر من هو أسما لندخل عليه جسما ونرى مايراه من خلال عينيه
ونتعرف على الأفكار والخواطر لديه ...
هو صاحب الحسب والنسب قوافل تجارته تسافر
شتاء وصيفا بين الشام واليمن تملك يمينه صفوف من العبيد والأماء وقطعان أغنامه
وجماله تملؤ الوديان من مكانه وعلى رأس ديوانه يتجول بنظره ببناء الكعبه المحاطه
بأصنام ومن يدعي أبائه أنها الهه تقربهم الى الله, مازال ذلك الصوت من عمق فطرته
يستهزء منه كيف تعبدون ماتصنعون بأيديكم, لكنه يصم أذانه ويردد هذا ماربينا عليه
وهل نخرج من جلدنا ونعري أنفسنا من أصولنا. لكن صوت عقله الحكيم يردد عليه أن هذا
النبي صادق, وكل ماأتى به صدق وحقيقه, ويجيب نفسه نعم أعلم ذلك لكن هذا وماينادي
به دمار لي ولقبيلتي ومدينتي, كيف نتساوى مع العبيد, هذا مستحيل, هل يعلم هذا
النبي كم ستخسر قريش عندما تتبعه وتتنكر لكل ألهة القبائل الاخرى, هل يعتقد أننا
سنتنازل عن مركزنا ومكانتنا بين العرب بهذه السهوله. ماذا سيقول عنا العرب بعد ذلك
أكيد أن هذا جنون, مستحيل هل سأخسر كل مناصبي ومكانتي وأموالي وأصبح مثل أي واحد
أخر من أتباع الدين الجديد, أنا لست الوحيد الذي يفكر بهذا فها هم كل قيادات
وأشراف مكه مثلي يجب أن نتفق ونتحد ونتفاهم ونفكر ونخطط لنضع حدا لهذا الهراء,
علينا أن نغريه بالمال والمناصب والنساء وان لم نفلح نرهبه هو وأتباعه وسنكون قساة
حتى تتقطع وحدتهم ويكون وحيدا ليرجع عن دعوته, وأن لم نفلح سنتبع كل السبل
والوسائل لتشويه صورته وسمعته حتى لايصدقه أو يتبعه أحد, وان لم ينجع معه هذا أو
ذاك سننهي حياته, فحياتنا وأموالنا واملاكنا وأحلامنا أهم.
لم يؤذهم محمد كان مسالما صابرا مسايرا لكنه
كان خطر على مملكة بنوها بشراهة غرائزهم وحبهم الشبق لمفاتن الدنيا, الأمر كبير
لهم ولن يتنازلو عنه بهذه السهوله.
لكن ماذا كانت أستراتيجية محمد صلى الله عليه
وسلم في العيش بين أنياب كل هذا الحقد والكراهيه وكيف نجج في نشر رسالته, هذا ماسنعرفه
معا في الحلقات القادمه.
الأن يمكنك أن تغير حجر نارجيلتك وتستعد لنفس
جديد.
رياض غوشه
22 يونيو 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق