تأتي الساعة السادسه مساء لتعلن نهاية يوم أخر من العمل فأرفع أسلاك الحياة من أطراف كمبيوتر فوق الحضن وأحمله برفق الى حقيبتي وأطفئ كهرباء الطاحونه التي أدور بها منذ شروق الشمس وقد لففت نفسي بجاكيت يحميني من لسعة برد ليالي شتاء دالاس وأدفئ صحراء رأسي بقبعتي وأتجه الى سيارتي لتحملني الى جنة البيت حيث أكون متشوقا الى أجمل أخر ساعات من اليوم بعد أن فرغت بطاريات طاقتي وحان الوقت للراحه ولشحنها
ليوم أخرجديد
ليوم أخرجديد
مازالت ساعتي النفسيه عقاربها ترن على الوقت الذي كانت به أم رياض تغمدها الله برحمته قبل عشرات من السنين تعد لنا مائدة العشاء بما طاب مما تحويه نملية المطبخ والثلاجه وكاسة الشاي الساخنه المحلاه بثلاث معالق من السكر. فتقوم المرضيه بادرة بأعداد ماتيسر من أحشاء مطبخنا متوجا بكاسة الشاي بدون أي معلقة سكر وبكبسة على زرار الريموت تدب الحياة في التلفاز لنستمتع معا بمشاهدة حلقتين جديديتن من المسلسلين "خاتم
سليمان" و"شارع عبد العزيز".
سليمان" و"شارع عبد العزيز".
طوال حلقات هاذين المسلسلين كنت أفكر في عبقرية مؤلفيهما اللذين أستطاعا أن يرسما بذكاء وخيال خصب نفسية الأنسان العربي ليصورا لنا وبأسلوب سلس كيفية تأثير الظروف المحيطه بأنواعها المختلفه أجتماعيا, أقتصاديا وسياسيا والتي جميعها تولد من رحم من يقوم على أمور الناس في تغيير نفس الأنسان وأنقلابها على صاحبها لينتقل على مر المحطات والمواقف والأشخاص من حال الى حال.
خالد الصاوي كدكتور متخصص بجراحة القلب بالرغم من حالته المادية الجيده ومركزه العلمي والعملي حافظ على علاقته مع جزوره وأصوله ووضع نفسه لتعيش في مساحة من الطيبه وحب الناس والخير وأرغمها بكل مايملك على أن لاتهرب منه خارج حدود القريه والحاره وبتواضعه ورضاه وقناعته بأن المال وسيله وليس غايه كان يعيش بمملكه من السعاده يهرب اليها كلما واجهته الدنيا بوجهها العبوس وأنيابها المدببه.
لكن كل ماكان يحيط به كان يتغير وينجرف مع فيضان نهر المصلحه والوصوليه وحب النفس والقفز الى أعلى حتى ولو كان ذلك على حساب اقرب الناس وأنبل الأعراف الأنسانيه وأصول الأخلاق والدين. حتى لطمته أمواج الفيضان بكل قسوه وصدمته بكل ما من حوله وأيقظته على حقائق الصوره المقززه لكل مايحيطه حتى أقرب الناس اليه زوجته بنت عامل سكة الحديد التي أستبدلت أسمها شريفه بأسم شاهيناز.
مع أن الدكتور سليمان أحبط وتعذب من رؤية الحقيقه لكنه لم يرضخ أو يركع أمام التيار وكان الأنقلاب الذي حدث به بأن لايهرب بعد اليوم وأن يواجه ويجتهد ليغير بقدر مايستطيع وبكل مايملك من قوة وتصميم.
أما عبدالعزيز الصعيدي الذي تتدفق أوردته بأخلاق الفلاح المصري الطيب المكافح الأصيل كان يسعي بما يستطيع ليكفل حياة كريمه لوالدته وأخوه الوحيد وبنت عمته التي تزوجها طاعة لأمر جده له, وحاول كسمكة صغيره أن يعيش بما ترميه له حيتان شارع عبد العزيز حتى جاء اليوم الذي ذهب به للتقدم لخطبة حبيبته, وصدم لرفض والدها له مع معرفته الجيده به وعلمه بما بينه وبين بنته من حب وأحترام وذلك بسبب الفارق العلمي بينهما والفارق المادي لتخطب لأبن عميد تجار شارع عبد العزيز. هذا الرفض قلب حياة عبد العزيز ليشق طريق جديد بحياته هدفها الأول والوحيد أن يكبر ويعلو حتى يصبح فوق كل وحوش الشارع مهما كلف ذلك من ضراوة وقسوه وثمن. الجو الفاسد الذي كان يلقي بظلاله على كل زوايا شارع عبد العزيز كان مناخا مناسبا لينمو به ويترعرع بما يمتلكه من ذكاء وظفه في تسلق درجات السلم بدون أن ينظرالى من تدوسه قدماه في كل قفزة كان يقفزها. وبالرغم من كل الثراء والجبروت الذي جناه لكنه فقد كل السعاده واحترام الذات وحب الناس وفقدان من حوله وأولهم أخوه.
لقد أدرك الخليفه الفاروق مسؤولية وظيفته على كل فرد تولى أمره وكان يخاف أن يتعثر مسافر في العراق حتى لا يسأل أمام الحق فيما قصر به. وجهل حكامنا مسؤليتهم عن كل أمرأ ضاع وتاه في دهاليز ظلمهم وشبق طمعهم وفقر حكمتهم.
المخربش
رياض غوشه
6 ديسمبر 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق