kharabish

الثلاثاء، 30 مايو 2017

أنحراف بوصلة التفكير

أنحراف بوصلة التفكير

هناك طرفه تقول أن أحداهم التي تسكن في الطابق الأول من البنايه خرجت من شقتها متجهه الى شقة جارتها التي تسكن في الطابق الأخير لتستعير منها مكواة الملابس نظرا لخراب مكواتها وأثناء صعودها السلالم أخذت تفكر بالموضوع كيف ستحيي جارتها وتطلب أستعارة المكواه وأخذت تتخيل ماذا سترد عليها أكيد أنها ستحرصها عليها وتوصيها على كيفية أستعمالها, وربما ستستعرض لها مزاياها وتميزها وثمنها الغالي وكيف اشترتها ومن أين, وربما ستقول لها ان غيرها من الجارات حاولن أستعارتها ولم ترضى, بس أكيد ستعيرها لها لمعزتها وحبها لها, ياه أن جارتها ستعتبر هذا الطلب فرصه لتستعرض أمام الجارات بأنها أعارت مكواتها العزيزه لها وكيف تفضلت عليها بينما رفضت أن تعيرها لأي من الجارات الأخريات, وقفزة فكرة أخرى كيف لو لأي سبب خربت أو تعطلت هذه المكواه ماذا ستقول لجارتها وماذا ستفعل هذه الجاره بها وكيف ستفضحها بين كل الجارات وكيف انها لن تنسى هذه الحادثه وستصبح نقطة ضعف لديها تذل بها في كل جمعة فنجان قهوه مع الجارات. في هذه الأثناء كانت قد وصلت الى باب شقة جارتها وفتح الباب وصوت تحية جارتها أخرجها من مسلسل أفكارها فنظرت الى جارتها وقالت لها: الله الغني عنك وعن مكواتك وحرام علي أن أطلب شيء منك بعد اليوم !!!

يحدث مايشبه هذه الطرفه معنا بأشكال ودرجات مختلفه فبعضنا تبدء عنده العاصفه بهبوب فكرة صغيره عن عزيز له يستشعر بها مدى حبه لهذا الأبن مثلا وتهب نسمة أقوى من الأفكار مصحوبه بالخيال صوت وصوره أنه لن يتحمل اذا حصل مكروه لهذا الأبن لتتوالد عاصفة يشتد عودها بعد أسقاط حادث أو خبر علم به مؤخرا وكيف سيكون الحال أذا حصل هذا الأمر لأبنه ويزداد سواد العاصفه وعويل ريحها بتلبس الدور بكل مشاعره وتفاصيله وتخيل أسوء حالاته فتزداد نبضات القلب وترتفع نسبة الخوف وتمتلئ العيون بالدموع وتنعكس صور عاصفة التفكير هذه على كل مرايا اليوم فتغشاها قتامة وتكدر وأحباط.

البعض من الناس يفقد السيطره على عواصف الأفكار السلبيه ويستسلم لها فتتمكن منه مما يكحل حياته اليوميه بسواد وتعب نفسي يسمونه ب الأنزيتي اي القلق حتى يصل الى حالات يتناول بها المهدئات والعلاج النفسي.

الإيمان بالله واستيعاب وحدانيته هوالطريق السليم لتوجيه بوصلة التفكير لراحة الـتأمل وسكون وطمأنينة النفس, فيقينك بأن القوي الحكيم بيده كل الأمور وأنه هو الخير والسلام والعدل وأنه لن يصيبك شيء اذا لم يكن مكتوبا لك وأنه بأعمالك الصالحه وحسن خلقك ورضاء الله والديك عنك فأنت بحماية الله, وأن كل شيء في السماء والأرض خلق مسخرا لخدمة الموحد وأن خوفك الوحيد هو من الله وحده, ومعرفتك بمعنى التوكل عليه سيريح صدرك ويسكن من نبضات قلبك.

الحل في توجيه بوصلة الأفكار هو أن تنتبه الى بداية عاصفة التفكير السلبي وتوقفها وهي في بداية ولادتها وأن تقول لنفسك هاهو قطار الأفكار المزعجه يصفر مرة أخرى فعلي أن أوقفه ولا اسمح له بمغادرة المحطه, ويكون ذلك باستحضار أفكار الخير والتفكر بالنعم وحمد الخالق على ماحباك به من خيرات وفضل, ففي المثال السابق عن الخوف على الأبن تفكر بما يتنعم به أبنك من صحه وأمان وأم حنون وأهل محبون وجيران طيبون وبما يتوفر حولك من رعاية صحيه وأجتماعيه ووكل أمرك لله وأرضى بكل مايقسمه الله لك وذكر نفسك بأن الخير دائما من الله وأن الفرج والرحمه منه وحده.

وكما يردد الشيخ محمد راتب النابلسي: "أذا كان الله معك فمن عليك!"

رياض غوشه
5/29/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق