خرابيش -9-
الأمانه
بعد ساعتين من وصول الرحله الثانيه من الخطوط
الجويه الأمارتيه لخطها الجديد من دبي الى مدينة دالاس بولاية تكساس فتح باب
القادمين ليخرج الينا كل من والد ووالدة زوجتي جالسان على كرسيين متحركين يجرهما
أحد العاملين في المطار من الأفارقة الأمريكيين الذي تبين فيما بعد أنه يتكلم
العربيه وأنه من جنوب السودان حيث رافقهما منذ وصول الطائره حتى أنتهاء معاملة
دخولهما والتفتيش في الجمارك.
وبعفوية تتأجج بسخونة الشوق ودفئ المحبه تحلق
حولهما أسر أبنتيهما وأبنهم كل يحاول أن يبادلهما المودة والحب والاحترام من خلال أحضان
وقبلات وسلام وحديث, ومن تعابير وجهيهم المضيئين تستطيع أن ترى علامات الرضا
والسعاده بعينيهما وهما يتجولان بنظرهما في وجوه أولادهم وأحفادهم وأنسبائهم وفي
كل نظره يطون أيام طويله من التفكير والصبر للوصول الى هذه اللحظه, ويطمئنون
قلوبهم الحنونه على حال وأحوال أبنهم وبناتهم المغتربين بعيدا عنهم.
بالأمس السبت الموافق الحادي عشر من فبراير
وبعد أسبوع من وصولهما وجه راشد رازفي العم الأكبر لعدنان رازفي الى والد زوجتي
وجميع الحاضرين خطابه بأن عدنان قد الح عليه كثيرا بأن يطلب له يد أبنتنا فرح وقد
جاء هو اليوم ليطلب فرح كلها وليس فقط يدها وذلك على سنة الله ورسوله فشكره عمي
أبو أسامه وبعد حمد الله والثناء عليه ذكر مأمرنا به العلي القدير بكتابه الكريم وماأوصانا
به رسوله الكريم بحديثه الشريف وأعلن قبولنا لطلبهم بأن تكون فرح زوجة لأبنهم
عدنان وعليه تمت قراءة الفاتحه من جميع الحاضرين وقام العريس بتقبل التهاني
والتبريكات واستلام الكثير من القبل والأحضان لحين تم توزيع صحون الكنافه ليتحلا
بها كل فاه كريم.
وبعد منتصف الليل وقد بدء الجمع كل يغادر
بيتنا وهم يعيدون تهانيهم وتبريكاتهم وقفت والدة زوجتي أم اسامه أمام خالد رازفي
والد العريس تشد على يده وتقول له بكل حزم وأصرار هذه فرح غاليه علينا كثيرا وعليك
أن تضعها بعينيك وقد أشارت الى عينيه باصبعيها الشاهد والأوسط فتبسم لها ليعلمها
بأنه قد أستوعب كلامها وقال لها أمانه أمانه, ثم نظر الي وأنا أقف بجانبهما وقال
مرة أخرى أمانه ورددتها معه أمانه.
في اليوم التالي من وصول والديي زوجتي أجتمعت
مع كل من عريس أبنتي عدنان ووالده خالد رازفي وهما من الجاليه الباكستانيه في
بيتهم لأضع معهم النقاط على كل الحروف ولنفهم سويا بالتفصيل الدقيق عادات وتقاليد
كل منا وبما ينص عليه ديننا الحنيف وبما يوصينا به رسولنا الكريم. وفي لحظة أبويه
أخذت أنصح عدنان بما علمتني به الحياه وأطلعتني عليه التجربه ليكون عالما ومدركا
للمسؤوليه القادم عليها ولأذكره بأن بنات الناس أمانه في أعناق أزواجهم وكلما أتقنت
صيانة هذه الأمانه كلما أنعم عليك الله من واسع رزقه وجنات رحمته.
ومازلت أذكر زيارتي لمدينة دالاس في عام 1995
للتعرف على أخت خطيبتي (ذاك الوقت) وزوجها وبعد حديث هاتفي مع والدتهما قلت لها:
لقد أحببت والدتك كثيرا فكيف أجعلها تحبني, قالت لي بسيطه: أسعد أبنتها وهي ستحبك
كثيرا.
والحمد لله فأن حماتي تحبني كثيرا جدا
المخربش
رياض غوشه
12 فبراير 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق