kharabish

الأحد، 28 مايو 2017

بطل الحكاية "الفيلم"

بطل الحكاية "الفيلم"

لم أكن بعد أتجاوز أصابع اليد الواحده عمرا وقد كانت أذناي تطرب لحديث والدتي وهي تشرح لمن حولها كيف لاحظت موهبة أبنها بالرسم وكيف شجعته ومدى اعجابها بما يرسم ثم تبدء بسرد تفاصيل أخر مارسمت بالأمس أو الاسبوع الماضي ومن خلال نسيجها لعقد مشاعرها وردود افعالها وملاحظاتها يزداد لدى مستمعيها الشوق لرؤية رسوماتي, ويزداد الحماس لدي والأستعداد منتظرا من أمي كلمة "روح يا أمي وجيب رسماتك" فتنطلق قدماي الى دفتري وأوراقي وأرجع مسرعا مقدما اياهم لضيوف والدتي وأنا اتحرق شوقا لرؤية ردود افعالهم وسماع أطرائهم وملاحظاتهم. هذه الأحاسيس والمشاعر حتى يومنا هذا تتأجج لدي مع كل عمل فني جديد وتكون على حافة قمتها مع أول نظره لعميلي وأول كلمه يقولها حيث تولد نهاية الحكاية لكل عمل فني اقوم به ويصبح في جعبتي قصة جديده أرويها.

في يوم كل منا الكثير من الروايات والحكايات التي تحكى لنا او نرويها ونكون نحن او من نعرف بطل لها تدور حول افعاله وردودها وتصرفاته محور الحكايه, ومع كل رواية تختلف المشاعر والتعابير والتعليقات وتتشعب الأحدايث بذكر الوقائع والقصص المشابهه التي تعزز وتبرر او تؤكد رؤية الراوي او فكرة المستمع.

أنها أيام الحياة التي نعيشها كل مايتبقى منها حكايات بعد ان نمرمن نفق مشاعرها وعواطفها المتشابكه بكل نبضات الحب والكراهيه والحقد والأخوه والحنان والخوف, حكايات مليئه بالخبرات السابقه تكون انت بها البطل الفاعل او المفعول به وربما تكون انت المبتدء اوالخبربتلك الروايه.

فمع خيوط صباح كل يوم تبدء كتابة سطور حكاية فيلم جديد في مجلد أعمارنا فلا ترضى لنفسك ان تكون مجرد ممثل صغير على هامش الروايه لايتذكره أحد ولا ان تتسرع أو تقبل بدور محمود المليجي فتطبع بمخيلة المشاهد والمستمع بالأنسان الشرير المؤذي والطاغيه الظالم. لماذا لاتكون انت البطل المحبوب المنقذ المساعد المرهف الذي يحب من حوله ويعمل من أجل أسعادهم, الذي يسعى للعدل والحق وهمه رسم البسمه على وجوه الناس لماذا لاتكون فريد شوقي أو سوبرمان.

كل يوم صفحة في كتاب قصتك وانت مخير بأن تكون البطل او غيره, فجعل قصتك مملؤه بأحداث كل جميل ورائع ليذكرها الناس على مر العصور. لاتعيد أدوارك الفاشله وركز على قصتك اليوم ولاتقلق على دورك غدا, فقد يكون اليوم أخر صفحه في مجلد حياتك, فجعل منه أروع حكاياتك.

رياض غوشه

5/26/2017

الثلاثاء، 21 مارس 2017

الى أم رياض مع التحيه 2017

الى أم رياض مع التحيه 2017
وكل الأمهات الاتي ولدن في الثلث الأول من القرن الماضي

في عيد الأم من هذا العام توقفت انظر بصفحتي البيضاء وأنا أتبارز مع عقلي وذاكرتي ماذا سأكتب لوالدتي, وتتدفق نهر الأفكار والصور حتى غمر ممر جديد وأنا الأن جد وبناتي أصبحن أمهات. أمهات اليوم لايعرفن مامر بأمهاتنا وأحسست بثقل مسؤولية أن أبلغهم مانعرفه مما عانين منه في زمن يختلف عن زمانهن.

بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانيه وزوال الخلافه العثمانية وولادة الدول العربيه, في تلك السنين العصيبه من فقر ومرض وخوف نبتت وترعرت أمي رحمها الله, كانت أول تضحيه لها هو حرمانها من التعليم بسبب القروش المعدوده وتفضيل الذكر حتى يكون عونا لرب الأسره. مع ذلك فقد كانت ذكيه ومعلمه فلا أنسى أصبعها يدل عيني في الكتاب حتى أنسخ الحروف وصوتها يكرر علي الكلمات ويشجعني على المثابره والأجتهاد.

كان عدد الناس أقل والطرق ضيقه ومظلمه والمواصلات قليله والأحراش والغابات في كل مكان, كان من الطبيعي سماع عواء الذئاب في الليل وقصص الرعب والجن تملئ القلوب خوفا, مازلت أذكر حديثها عندما كانت تمشي في الطريق وفي الجانب الأخر منه أفعى كبيره تزحف, وكيف كانت اطرافها تنتفض من الخوف ومع ذلك أستمرت في سيرها لمقصدها.

كانت دور السينما قليله والفيلم المصري مهيمن على الشاشات فكانت وهي ترينا صورها القديمه تذكر لنا كيف ان تصفيفة الشعر كانت مثل تسريحة شاديه والفستان مثل فستان فاتن حمامه, وكيف كن وهن فتيات في عمر الزهور فارس أحلامهم يركب سيارة بيضاء مكشوفه وبيده سيجاره مثل رشدي أباظه.

 كان والدي يقول أنه كان فتى في مقتبل العمر ويتذكر أنه في زيارة لبيت جدي رفع أمي ووضعها على الطاوله وقد كانت بنت صغيره. فوالدتي وغيرها في ذلك الوقت تزوجن وهن فتيات في عمر الزهور, فلم يعرفن قصص الحب والغرام لكنهم بنو بالحب أعظم البيوت وكانت نسبة الطلاق في ذلك العهد ضئيله جدا.

السعي للرزق والبحث عن لقمة العيش اخرج الشباب الى حيث نقود النفط, في الخمسينيات سافرت العروس من أرض الجبال والخضرة والماء الى لهيب الشمس وصفرة الرمال حيث يعمل العريس والى بيت الزوجيه بعيدا عن الأم والأهل حيث لاهاتف ولافاكس او انترنت. المهمه الأولى لسيدة البيت الجديده والوحيده هي أطعام كتيبة من الأخوه واولاد العم والأصحاب اللذين قرصت الغربه بطونهم وأشتهت أطباق لاتذكر منها الا أسمائها. في اليوم الأول والطبخة الأولى كانت كرشات وفوارغ!

في تلك الأيام لم تكن أمارة الكويت دولة بعد, لم تكن الشوارع مضاءه, ونعمة المكيفات كانت مقتصره على بعض البيوت, لم تكن هناك عمارات وكان السكن في بيوت عربيه مجموعه من الغرف حول ساحة مفتوحه تتلقف كل ما ترميه السماء من شمس حارقه وغبار الصحراء ورطوبة البحر, كان منظر الفئران تركض في الزوايا طبيعيا ومعتادا عليه, كان الماء ان لم يكن به بعض الملوحه ففيه بعض التراب. ومع ذلك كانت تعمل طوال اليوم ليكون البيت نظيفا مرتبا وجنة لزوجها.

وجاء الأولاد, أني أتحدى أمهات اليوم أن يلفن مؤخرة أطفالهم بخرقة قماش بيضاء وبعد أن يقضي الطفل حاجته تنظف ما تسرب منه وما أصبح أثرا بالبيت مع حركته ثم تنظف خرقة القماش وتشطفها ثم تغليها في ماء ساخن ومن بعدها تغسلها مرة أخرى وتنشرها على حبل غسيل لتيبس تحت اشعة الشمس لتبدء مرة أخرى وتلتف حول مؤخرة الطفل. هذا مع العلم انه لم يكن هناك في ذلك الوقت غسالات وكان البابور هو سيد الموقف وصوته الجشي يصدح بالبيت, وكانت هذه الخرق تدعك وتعصر باليد. كانت صيدلية البيت تحتوي على زيت الزيتون, وزيت الخروع والسيرج, والأسبرين, والدواء الأحمر والأسود, والمرهم الأسود, وماء الغريب وماء الزهر. وكانت الوالده دكتوره بوصفات خاصه من هذه الصيدليه والاعشاب والخضار مما يغلى أو يعصر 
ومما يدهن او يشرب مع بسم الله والمعوذات والولد بيقوم زي الصلاة على النبي.

هذه قطره من فيض كثير, الله وحده يعلم مامرت به امهاتنا حتى صنعو منا رجالا ونساء وأباء 
وأمهات, ولايسعنا هنا الأ الدعاء لهم بالمغفره والرحمه وأن يحسن الله ختامنا ويجمعنا بهم بصحبة سيد الخلق في الفردوس الأعلى.

الجمعة، 2 أكتوبر 2015

رمضانيات 2015- فقط أبطال الفيلم مختلفون - 4 والأخيره

رمضانيات 2015
فقط أبطال الفيلم مختلفون-4

يخترق صوت صديقه المنادي غيوم السكون الثقيله فيخترقها لتقرع أذنية وتصحيه من غفوة طويله, وهو يقول له هاي ياهو ياأبو الشباب ثلاثة شهور وانت تعمل القهوه ماصارت ولا أستوت خلص رمضان ومر العيدين وأنا بأنتظارك, فيصحو صاحبنا من غفوة تسعين يوما ويداه تبحث متلعثمه على مفتاح الغاز لتقطعه فيهدء بركان ركوة القهوه بعد أن سال زبدها على وجه الموقد. يحمل الصينيه وينزلها بهدوء لتتوازى مع فضاء يد صديقه التي تأخذ الفنجان الأقرب لها ليضع الصينيه بعد ذلك على سطح الطاوله ويأخذ مكانه بالمجلس.

ويتوجه بوجهه الى صديقه وعيناه تؤكد ما سيقوله: نعم تسعون يوما ولكنها كأنها يوما أو بعض يوم, فالحال هو الحال فسكوننا لم يغير من الأحداث التي تتوالى على واقعنا فالليل والنهار يتدافعان علينا وعالمنا مازال محصورا بين أزرار الرموت نقلب بها الأخبار لنرى مايفعل بنا وجل مايشغل بالنا ماسيكون غذائنا أو عشائنا, وما يستحل وديان تفكيرنا هو قطعان دنانيرنا ونكات أحوالنا, ونسكت صوت ضميرنا المنهك من الألم بالدعاء وهو أضعف الأيمان وبالأمل ربما يحدث شيئ ما من شخص ما في مكان ما ومازلنا متعلقون ببقايا حلم ممزق مهترء بأن يوما سيرجع خالد بن الوليد أو صلاح الدين فيتغير حالنا.

يسمع صديقه وحواجبه تتعلق بأعلى جبينه متسائلا: شو القصه, شو صار, ليش كل هل تشاؤوم. أنت غلطان ياصاحبي. فمهما زاد أسوداد لون حالنا كلما زاد اليقين بقرب روئيتنا لبصيص النور.

فيراجع صاحبنا نفسه ويستدرك ماآلت به أحاسيسه من أحباط وأنكسار وتتدحرج ثواني السكون وهو ينظر في عمق قهوة فنجانه, لتدب به دفعة تفاؤول يرى من خلالها زاوية أخرى لصورة الموضوع فيأخذ نفسا عميقا يغسل به ماتأكسد بصدره ويلتفت الى صديقه ليرسم له مايرى:

ياصديقي ما يتجسم امام ناظري مشهدان الأول قبل مايزيد عن 1400 عام عندما عزل رسولنا الكريم وكل من أتبع رسالته في أحد شعاب مكه وحوصرو وقوطعو لمدة ثلاثة أعوام حتى أكلو خشاش الأرض وأوراق الشجر عندما أطلق لنفسي العنان ليتجول شخص خيالي بينهم أرى الأجساد الهزيله المنهكه والوجوه الكالحه لكنني أرى بالعيون لمعة التفاؤل والأمل واليقين وتتسائل نفسي ماسر قوتهم كيف لم تنكسر شوكتهم ماهو الأكسير الذي كان يزيد من صبرهم وعنادهم ويشد من بأسهم ومجاهدتهم. لقد كان ذلك في بدايات الرساله كانو فئة قليله ضعيفه لم يكن هناك بالأفق من قوة ولاجهة ولا أي من الأسباب التي نستطيع أن نبني عليها بريق نجاة قريب يقاس بمقاييس البشر.

أما المشهد الثاني فعزل وحصار نعيشه يوما بيوم في حصار أهلنا بغزه وقد تكالبت عليهم كل الأمم وأنقلب عليهم الجار والصديق وصب عليهم مافاق أعتى الحروب من كل أوزان وأشكال الموت والدمار, وقد كان الكل يعتقد أو يتوقع أن يرى كسر شوكتهم وأستسلام شكيمتهم وتحول عقيدتهم كانت تخرج أمام الكاميرات من بين الدمار المفروك باللهب والدخان الأم التي تزف أبنها الشهيد والشيخ الذي يفخر بأولاده الذين أصبحت أجسادهم حصيدا مع أعمدة الأسمنت وأسقف البيت, والبنت الصغيره التي تنادي ماتبقى من ضمير الأنسانيه وتعبر بكلماتها الصغيره عدم تنازلها عن أي حبة تراب, والشباب تركض وتنقذ ماتبقى من أنفاس وهي تطير بأجنح العزه وتتنشق الكرامه.  مشاهد أغاظت كل عدو للأنسانيه وأخافت كل من رأى ماورئها
من نفحة أمل قد تتلقفها الريح فتنتقل الى أنفاس الأمه فتبعث بها الحياه, فأسدل ستار أسود على المشهد حتى لاترى القلوب نبضة حق تهتز لها شرايين قد ثملت من شرب اليأس والأستسلام.

ومع توقف صاحبنا عند نقطة أخر جمله يبدء صديقه بالتصفيق وهو يهلل ويكبر ويقول: تماما فعلا أنه نفس الفيلم يتكرر لايختلف به الا أبطاله ونهاية الفيلم السعيده معروفه لكنك يجب أن تمر من نفق الأحداث وتعيش أنقطاع الأنفاس لكن النفق دائما ينتهي بالنور وأنشراح الصدر. الموضوع ببساطه هو الفرق بين من يرى الحقيقه ويوقن بها وبين من يعرفها ويتجاهلها ويراوغ في تكذيبها ويريد أن يخرس كل من يذكره بها. كل من ذكرناهم تاقت أنفسهم الى حقيقة الخلود وخبرو حقيقة السعاده وفرقو بين نعيم الجسد وسمو الروح, وأختاروا ماهو دائم على ماهو فاني, لقد كشفو سر هذه الحياه بأنها أختيار بين سلم يصعد الى الأعلى يحتاج منك جلد وصبر وأصرار وبصيره وسلم ينزل الى الأسفل تنزلق به بملذات ويغوص بك بظلمات والصراع بين من ينزل ومن يصعد كل من الطرفين يريد أن يجر معه الطرف الأخر.

كل عام وأنتم بخير وأن شاء الله نلتقي برمضانيات 2016 أذا كتب لنا عمر.

رياض غوشه
2 أكتوبر 2015

السبت، 4 يوليو 2015

رمضانيات 2015 - فقط أبطال الفيلم مختلفون -3

رمضانيات 2015
فقط أبطال الفيلم مختلفون -3

يمتع عينيه أولا برؤية الفقعات الصغيره تتحرك وتتلاصق وتتدافع نحو الجدار وبخار السخونه المتصاعد يحمل الى أنفه أروما القهوه التي تتصاعد الى مزاج رأسه فترتفع أصابعه بالفنجان الى شفتيه الحذرتين من لسعتها فتأخذ رشفة سريعه ومع بلعها تستطيع أن ترى أن تقاسيم وجهه تغيرت  لتعبر عن الرضا والأستمتاع. وحتى تكتمل المعادله يأخذ شفطة طويله من مبسم نارجيلته ومن خلال بياض دخانها ينظر الى صديقه ويتوجه له ليكمل تسلسل حوارهما: نحن لانختلف على أن التوحيد هو منتهى الرساله ومركز فحواها لكن علينا أن نتفكر قليلا بوسيلة نقل هذه الرساله لتصل الى متلقيها واضحه مبسطه سهلة الأستيعاب وكأنها تصب صبا في القلوب.

يأخذ هو الأخر رشفة من فنجان قهوته ويرد الصديق على صاحبنا بصوت ماء نارجيلته وهي تطبل حماسا قائلا: أفضل شيئ علينا أن نعيش اللحظه وننتقل بالخيال من هنا الى هناك وكأن رسولنا الكريم جاء ليحدثنا ويدعونا ليهدينا كيف سيكون السيناريو والحوار ...

وعم سكون طويل على صاحبنا وصديقه, وكأن كليهما تفاجئا بالأنحراف الحاد في سير الحديث وقد بدئا يعيشان تفاصيل الخيال وكأنه يتجسد واقع امامهما, وصاحبنا عليه مسؤولية وصف الصوره, وبصوت فيه رعشة خفيفه قال: سأصف لك مع أنه وصف صعب أدعو معه الله أن يعينني ليكون أقرب لحقيقة الحال من المحال, أنني أحس بأنني أراه يحييني مبتسما ابتسامة طمئنينه وسكينه, أبتسامة تهدئ من أحاسيسي وتهيئها لتستقبل منه, هذه الأحاسيس تتفاعل مع نفسها لأنها تستدرك ما بأرشيفها عن هذا الأنسان من أصالة النسب وحسن المكانه وطيب السمعه, عن الشخصيه الطيبه الحنونه المحبه الخجوله الكيسه القويه العفيفه الشريفه, عن صيت خالي من الكذب, الخداع والخديعه, المطامع, الضرر او الضرار, ذو اليد الكريمه المعطاءه السخيه الرحيمه, كل ذلك يجعل نفسي باب مفتوح على مصراعيه لتلقي ما سيقوله لي سيجعل كل خطوط دفاعي الأولى والأخيره التي تكون متأهبه مستعده عند مقابلة أي شخص لأول مره أن تكون مطئطئة الرأس مستسلمه مسالمه طيعه, ستكون كل حواسي وأحاسيسي مستنفره متيقظه في كامل تركيزها ووعيها لما سيقوله لي.

ويدخل الصديق في منتصف طريق الحديث وهو يعيش الصوره بكل تفاصيلها قائلا: أنني أكاد أن أرى عينيه وبها بريق خاص أنعكاس لنور خارج من قلبه مستقيما الى قلبي يوقظ به كل نبضات الحب, حب تشعر به منطلقا منه أليك, حب ملفوفا بالأهتمام والخوف عليك والرأفة بك
حب يريد أن يخرجك من الظلمات الى النور, حب يشعرك بأنسانيتك بكونك واحد من بني أدم, حب يدعوك لأن تكون معه تسير خلفه الى الخلاص والمستقر الكريم.

ويعيد صاحبنا صديقة الى واقع اليوم وكأنه أكتشف شيئا ثمينا قائلا: أنه الحب أي نعم أنه الحب راجع مع نفسك كل ماقلته قبل قليل, أنه العطاء قبل الأخذ, لقد كان حبه لكل المخلوقات وكل الناس حب مخفوق بالحرص على أن ينقذ ويساعد ويهدي كل البشر الى جادة الحق وطريق الصواب لم يختص القوي او الغني أو ذو المنصب والجاه كلم الصغير والكبير, المرأة والرجل, الفقير والثري, الجاهل والمتعلم, القريب والغريب, لقد كان حب بعطاء لا حدود له.

ويسكت الأثنين قليلا والصوره مازلت تتلئلئ امام ناظريهم ويسترسل صاحبنا بالحديث من جديد, لقد كان الحب مع رسولنا الكريم هو الأداه التي فتحت قلوب الناس فتشربت التوحيد بيسر وسهوله, لم يكن صلى الله عليه وسلم يقيم الناس ويحكم عليهم بأي حكم أو تشخيص مسبق كان يدعوهم جميعا وكان بعيد النظر بدعوته ويظهر ذلك جليا في رده على ملك الجبال عندما خيره بأن ينتقم من أهل الطائف عندما ردوه وحطو من شأنه وآذوه, فرفض و قال له ربما يكون من نسلهم من يوحد الله.

ويستلم حبل الحديث صديقه المنفعل: أرجع الى السيرة كلها وبالأخص عندما كان رسول الله يدعو في مكه, بالرغم من كل الكراهيه والحقد والأيذاء والقدح والتحريض اللغوي واليدوي من قيادات قريش ألا أنه لم يعاملهم بمثل ما عاملوه كان ببساطة يشفق عليهم من جهلهم وغرورهم كان حتى لايدعو عليهم وهو ذو الدعاء المستجاب بل كان يدعو لهم بالهداية وأن ترى قلوبهم نور الحق وتعرف طريق الصواب, لقد كانت دعوة رسولنا الكريم ملحمة لكل من يريد أن يدرس ويتعظ بين حب الخير للناس وحب الذات ولو على حساب الناس, يظهر ذلك جليا بالعرض الذي قدمه سادة قريش على النبي الكريم عندما أسقطوا وقاسو حبهم للدنيا ومباهجها على الرسول كأنسان فعرضوا عليه ماتطير به أحلامهم من الملك والسياده والثروه والنساء على أن يترك دعوته فكان رده أنه حتى لو ملك ماهو أعظم من ذلك كالشمس والقمر فلن يترك رسالته بهداية الناس لأن حبه لله ولدعوته أعظم وأكبر.

ويعقب صاحبنا عاصرا لب الحوار: لقد ضرب لنا رسولنا الكريم المثل الأعلى والأمثل في التعامل مع كل ماحولنا من جماد وحيوان وأنسان بالحب والرحمه والصبر, والأمثله على ذلك كثيره لا أعلم من يدعون بأنهم أتباعه وعلى سنته تحت ألقاب ومسميات أبتدعوها من أين أتو بكل هذه الكراهيه والعنف والتعنيف والتعنت والتشدد فعم الجهل وازداد سعير القتل والحرق والتفرقه. لقد ضيعو سر مافي رسالة محمد هو حب الخير لكل البشر والسعي لهدايتهم الى الصراط المستقيم بالحسنى والكلمه الطيبه والمثل الأعلى.

وقبل أن ينطق صديقه بما يريد أن يقول, أوقفه وقال له أصبر سأعمل فنجان قهوه ثاني نختم به حوارنا وليساعدنا على التفكير والأستيعاب ومقاومة جيش النعاس الزاحف علينا.

رياض غوشه
3 يوليو 2015

الأحد، 28 يونيو 2015

رمضانيات 2015 - فقط أبطال الفيلم مختلفون -2

رمضانيات 2015
فقط أبطال الفيلم مختلفون -2

الموضوع مازال يشغل ملفات تفكيره, في خياله يرى قريش كما يرى العالم كله اليوم, بل أن البلاء والظلم والعربده والأستعباد والأستغلال أكثر عمقا وأشد ألما والثلاثمئة صنم التي كانت حول الكعبه هي اليوم ثلاثمئة ألف فمن يعبد الكريدت كارد أو يسجد للمارسيدس والكل يحترف النفاق ومسح الجوخ ولصعود السلم للأعلى يتم القفز على أنفاس البشر وكل مابنته البشريه من مكارم الأخلاق. يضع لصديقه نارجيلته الخاصه للضيوف وصحن من الفاكهه وكباية من عصير البرتقال ويجلس بجانبه يمسك ملقطه ويعدل وضع الفحم المشتعل فوق قبعة الألمنيوم المخرمه التي تغطي رأس معسل التفاح ويدورها بأحتراف حتى لا تحرق الرأس.

ومع الدخان الثقيل الذي يخرج مندفعا من أنفه وفمه يلقي ماتحمله أفكاره بين يدي صديقه ليسأله الرأي والمشوره. ماذا فعل محمد خير البشر مع البشر في ذلك الزمان كيف أستطاع أن يبارز الظلم ويفتح أبواب النور للناس؟

صديقه أطال السكوت تاركا مجالا لمداركه لترتيب الكلمات ثم نظر اليه قائلا: عندما نرجع الى بدايات الدعوه لم يكن الدين بعد دعوة لصلاة وزكاة أو صيام, كان الأمر ينصب على أمرين مهمين جوهريين هم مركز الدين الجديد ومحور دعوته: أن لاأله ألا الله وأن محمد عبده ورسوله, كلنا يعلم قصة أل ياسر وبلال كانت كلمة أحد أحد هي مداد القوه والعزيمة والصبر, لم يكن دين الأسلام الذي نعرفه اليوم قد تبلور وتشكل بعد, لكن كان الأيمان بصلادة الألماس لا يكسره ظلم وقهر أو جبروت, لقد فهم واستوعب الرعيل الأول من المسلمين معنى التوحيد, تعرفو على الخالق الكريم الرحمن الرحيم, أحسو به, رأوه بقلوبهم, تعلقت به عقولهم وأرواحهم, وأقرو بربوبيته وأتخذوه ألاها وصدقو بأن محمد هو رسوله وحامل رسالته فأطاعوه وأتبوعوه وفدوه بأرواحهم, لقد عقدو صفقة مع خالقهم فيها الفوز العظيم ومن أجلها لم تعد تهمهم بيوتهم وأموالهم ولا غضب أهلهم وقبيلتهم, اشتروا الأخرة وكانوا سعيدين بدفع ثمنها.

تناول صاحبنا الحديث من صديقه وقال معقبا: أستطيع ان ألخص ماقلت بأنه الشهادتين هما ماعلمهما الرسول النبي لأصحابه, لقد فكرت كثيرا بلغوية الشهادتين, لماذا علينا أن نقول أشهد أن لااله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله, لماذا لم تكن أمنت, أو أسلمت أو صدقت أو أيقنت, حتى نستوعب أكثر في المحكمه يسأل القاضي الشاهد, ويجيب الشاهد نعم لقد شاهدت كذا وكذا كلمات عليه ان يكون مصدقا وموقنا ومتاكدا من كل كلمة يقولها لما عليها من تبعات ومسؤوليات قد تكون سببا في براءة او عقاب أنسان. لقد فهم المسلمون معنى الشهاده التي يقولونها وماهي تبعاتها ومسؤولياتها ولاينطقونها وهناك شك أو تردد ولو بسيط ويعلمون بأنها بنطقها ينتقلون من عالم الى عالم أخر, عالم الأسلام والتسليم عالم الإيمان واليقين, تصبح صدورهم مدرجا وقلوبهم منارة لنور الرحمه تهبط عليهم فينعمون بسعاده وسكينه لم يعرفوها من قبل, ومستعدون لدفع كل ثمين دون أن يفقدوها. يحضرني بذلك أسلام خالد بن الوليد شاب يافع غني من قبيلة عريقه وذومنصب عظيم أمور غاليه كانت تغالب تفكيره ووعيه حتى غلبها وجلس بين يدي رسول الله وخلع كل مايلبسه من مباهج الدنيا وأسلم أمره لله وأصبح سيف الله المسلول.

والتقط الصديق كرة الحديث قبل أن تتوه منه أفكاره وهي تتجسد أمامه ويقول: نعم صحيح بالفعل, لقد توقفت كثيرا أمام قصة سحرة فرعون عندما رأو أفعى موسى وهي تبتلع سحرهم أنهم يعلمون علم اليقين ان هذا ليس بسحر ولكن معجزة الخالق القادر الجبار فخرو سجدا دون تردد لأله موسى وهارون, علم يقين بشهادة تحدو بها تهديد فرعون, علم يقين عرفو به أن هناك دنيا وأخره وحساب, علم يقين عرفو كم هو فرعون صغير ضعيفا عاجزا أمام الجبار العظيم المتعال فلم يأبهوا له ولا لعذابه وأستتفهوا الحياة الدنيا عندما عظمت عندهم الأخره واصبحت هي المنال والأمل والمنى. وكذلك أيمان ماشطة أبنة فرعون والله كلما اتخيل موقفها وهي ترى أولادها الخمسة يرمون بالزيت المغلي أمام ناظريها وترى لحمهم يذوب وعظمهم يطفووهي مصرة ولاتتنازل أن تقول أن فرعون ربي, لا استطيع تحمل التخيل نفسه فكيف تحملته هي لقد أنطق اللطيف لسان أبنها الرضيع حتى يربط من جأش قلبها ويثبتها, والله انه لأيمان ينير كل ظلمات الأرض.

وبعد هنيهة صمت يستدرك صاحبنا متسائلا: هل ياترى رؤية الناس للأنبياء والرسل والمعجزات كان سببا في قوة أيمانهم, أتعتقد لو كان نبينا محمد بيننا الأن سيكون أيماننا أفضل.

مع أبتسامة ساخره رد صديقه: دعنا نقلب سؤالك وأتحداك أذا كان فرعون بيننا ورأى الطائرات ورجال الفضاء على القمر وماتراه الميكروسكوبات الدقيقه وعلوم الطب والدواء وسيارات الرفاهيه وناطحات السحاب وجوالك هذا لأمن دون تردد.

بعد هل حديث قوم سويلنا فنجان قهوه علشان نصحصح.

رياض غوشه
28 يونيو 2015

الاثنين، 22 يونيو 2015

رمضانيات 2015 - فقط أبطال الفيلم مختلفون

رمضانيات 2015
فقط أبطال الفيلم مختلفون

تأخذ مكانك المعهود في البيت تملؤ زاويتك وتسند ظهرك, بيمينك ريموت التلفزيون وبيسارك مبسم نارجيلتك, وأمامك كاسة شاي خمرية اللون متعرقه من السخونه وقد وضعت لك أم العيال بعض البسكويت والمكسرات حتى لا تزعجها بطلباتك, ومع شعورك بأن الأمن مستتب وبأنك رب البيت المطاع, ترفع يمينك وتضغط بأبهامك على زر الأشعال لتضيئ الشاشة الزرقاء والكل لا يهمس فأنت تريد مشاهدة الأخبار ...

تمام مثل كل يوم دم يسيل أنهارا من عروق المسلمين من سوريا للعراق فاليمن مرورا بليبيا الى سجون مصر وجبال لبنان, وأخر منتجات مصانع الغرب العسكريه تجرب في الأمه هدما وتحطيما ودمارا, ويشرد الملايين هروبا لايجدون ملجئا ولامأوى, ورائحة الموت لاتعرف منها من الغالب ومن المغلوب. ومازالو يجتمعون في مؤتمرات ولقاءات للحوار ووفود تأتي وتتوسط وتذهب وماهي الا أحصاءات كم من قتيل وكم جريح.

وتأتي أخبار باقي اصقاع العالم, معارض, مباريات, سياحه, تجاره وأقتصاد, وكأن أمتنا تقع في كرة أرضيه غير الأرض التي نعرفها ...

تعتدل بجلستك وتحترق أصابعك وهي تمسك كاسة الشاي, ويقف أمامك سؤال ماذا يريدون منا, أنهم يصولون ويجولون بكل زوايا ديارنا, يأخذون مايريدون والكل تابع لهم يطيع أمرهم ويعمل مايرضيهم, كيف نستطيع أن نقنع العالم بأننا أناس مسالمون طيبون نريد أن نعيش بسلام, وأن ديننا دين سلام, ماذا يريدون لماذا يكرهوننا كل هذا الكره ولماذا كل هذا الحقد, من الصين الى بورما فروسيا ....

حتى نستطيع أن نفهم ونستوعب علينا أن نرى الصوره من الجانب الأخر, وحتى ندرك علينا أن نعود الى المربع الأول الى الأيام الأولي لبزوغ فجر الأسلام. خذ نفسا جديدا من نارجيلتك وعندما تنفثه حلق بعينيك في بياض دخانه ولنذهب سويا الى مكه في ذلك الزمان سنرى البيوت والجمال والناس كما تصورها لنا السينما العربيه, ومن حول الكعبه سنختار أحدى دوواوين قادة قريش وكبار تجارها وأشرافها بغض النظر من هو أسما لندخل عليه جسما ونرى مايراه من خلال عينيه ونتعرف على الأفكار والخواطر لديه ...

هو صاحب الحسب والنسب قوافل تجارته تسافر شتاء وصيفا بين الشام واليمن تملك يمينه صفوف من العبيد والأماء وقطعان أغنامه وجماله تملؤ الوديان من مكانه وعلى رأس ديوانه يتجول بنظره ببناء الكعبه المحاطه بأصنام ومن يدعي أبائه أنها الهه تقربهم الى الله, مازال ذلك الصوت من عمق فطرته يستهزء منه كيف تعبدون ماتصنعون بأيديكم, لكنه يصم أذانه ويردد هذا ماربينا عليه وهل نخرج من جلدنا ونعري أنفسنا من أصولنا. لكن صوت عقله الحكيم يردد عليه أن هذا النبي صادق, وكل ماأتى به صدق وحقيقه, ويجيب نفسه نعم أعلم ذلك لكن هذا وماينادي به دمار لي ولقبيلتي ومدينتي, كيف نتساوى مع العبيد, هذا مستحيل, هل يعلم هذا النبي كم ستخسر قريش عندما تتبعه وتتنكر لكل ألهة القبائل الاخرى, هل يعتقد أننا سنتنازل عن مركزنا ومكانتنا بين العرب بهذه السهوله. ماذا سيقول عنا العرب بعد ذلك أكيد أن هذا جنون, مستحيل هل سأخسر كل مناصبي ومكانتي وأموالي وأصبح مثل أي واحد أخر من أتباع الدين الجديد, أنا لست الوحيد الذي يفكر بهذا فها هم كل قيادات وأشراف مكه مثلي يجب أن نتفق ونتحد ونتفاهم ونفكر ونخطط لنضع حدا لهذا الهراء, علينا أن نغريه بالمال والمناصب والنساء وان لم نفلح نرهبه هو وأتباعه وسنكون قساة حتى تتقطع وحدتهم ويكون وحيدا ليرجع عن دعوته, وأن لم نفلح سنتبع كل السبل والوسائل لتشويه صورته وسمعته حتى لايصدقه أو يتبعه أحد, وان لم ينجع معه هذا أو ذاك سننهي حياته, فحياتنا وأموالنا واملاكنا وأحلامنا أهم.

لم يؤذهم محمد كان مسالما صابرا مسايرا لكنه كان خطر على مملكة بنوها بشراهة غرائزهم وحبهم الشبق لمفاتن الدنيا, الأمر كبير لهم ولن يتنازلو عنه بهذه السهوله.

لكن ماذا كانت أستراتيجية محمد صلى الله عليه وسلم في العيش بين أنياب كل هذا الحقد والكراهيه وكيف نجج في نشر رسالته, هذا ماسنعرفه معا في الحلقات القادمه.

الأن يمكنك أن تغير حجر نارجيلتك وتستعد لنفس جديد.
رياض غوشه
22 يونيو 2015

السبت، 20 يونيو 2015

رمضانيات 2015 - لماذا رمضان

رمضانيات 2015
لماذا رمضان

بيده اليسرى يمسك ماحصده من صندوق البريد وتبدء أصابع يده اليمنى 
بتقليب الظروف والكروت والرسائل لتلقي الغث منها وتحتفظ بالسمين حتى أمرت عيناه أصابعه أن تتوقف عند ظرف مميز بشعار الدوله وبأسم وحدته العسكريه ومعنونه بأسمه, تبع ذلك تنهيده خرجت من صدره فلقد أتى الموعد السنوي لأستدعاء الأحتياط من وحدته لثلاثة أسابيع من التدريب والتنشيط.

أخذ فنجان قهوته وألقى بطوله على كنبته المفضله ومد رجليه وأخذ يفض الرساله ليقرء التفاصيل متى وأين, وبعد أن ركض بصره فوق سطورها القاها بجانبه وأحتضنت شفتاه حافة فنجانه وأخذ رشفة من قهوته الساخنه وأخذ ما يغلي بصدره يرسل بخاره الى عقله فيفتح نافذة في مبنى ذاكرته وهو يرتب أفكاره فعليه أن يخبر أدراة الموظفين بعمله عن أجازته المدفوعه للأستدعاء التدريبي السنوي, وعليه أن يخرج ملابسه العسكريه وهو يتفكر كيف سيحشر كرشه بها وان يجهز شنطته, سيمر عليه الباص في الموعد المذكور, وكما هي العاده سيجرى له فحص طبي جديد للأطمئنان عليه وسيلتقي من جديد مع زملاء الكليه العسكريه, أخذت شاشة ذاكرته تعرض له صورهم الواحد تلو الأخر وتعابير وجهه تتغير مع كل صوره وكل تعبير له أنطباع خاص يعكس شخصية الصوره.

تنهد من جديد فهو سيعود للأستيقاظ مبكرا قبل طلوع الشمس, وستؤلمه عضلاته التي ستستيقظ على التدريبات اليوميه بعد أن نامت لعام كامل, وسيشتهي من جديد الكثير من المأكولات التي تعود عليها فهناك نظام غذائي واحد للجميع وفي أوقات محدده, سيخسر الكثير من الكيلوات التي أكتسبها بالشهور الماضيه وسيرجع بجسم أكثر رشاقة ستسر منه زوجته فهي دائما تقول له حافظ على نفسك بمشيئتك ولاتنتظر حتى تجبر على ذلك.

ومع رشفة جديده من فنجان قهوته, يبتسم فسيرجع من جديد الى مقاعد الدراسه ستكون هناك مراجعات سريعه للعقيده العسكريه وعلوم المعركه وتكتيكات الهجوم والدفاع وأطلاع على الحديث من التكنولجيا والمعدات والتدريب عليها, فترتفع معه همة المعرفه والأستكشاف. سيكون هناك الكثير من العمل الجماعي الذي ينجح بمهارة الفرد وتعاونه, سيرجع مرة اخرى الى القياده والأنقياد وطاعة الأوامر والألتزام بها وتنفيذها, سيرجع الى عالم الأنضباط والأنصياع والتنفيذ.

وينطلق نظره بعيدا الى الأيام الأخيره من الدوره حين تتوثق علاقات الصداقه مع مجموعته حيث يفترقون وقد جمعتهم ذكريات جميله وأحاديث طويله وقد تعاهدو على أن يلتقو بعد الدوره ليمارسو ماتعلمو وليحافظو على لياقتهم البدنيه والعسكريه, ويصحو من فيلم ذكرياته فقد فرغ فنجان قهوته وعليه أن يقوم ليملؤه من جديد.

لقد أحببت أن أرسم لنفسي ولكم الصوره السابقه لنرى من زاوية جديده حكمة شهر رمضان, ثلاثون يوما كل عام, نسترد بها سيطرتنا على نفوسنا وأهوائنا ونستشعر من جديد أهمية الضبط والأنضباط بحواسنا وأطرافنا لتعود لواجبات ماخلقت له بكل مايرضي خالقها, وتعود المياه الى قنوات تواصلنا مع أهلنا واحبتنا وجيرتنا وكل من حولنا ويحس الغني بالفقير وتتلاقي الاضطاد فيطعم الشبعان الجوعان ويكسي المكتسي العريان, وتهدء أرواحنا وتستكين عندما ترجع الى القرأن تتفكر وتستمع له, وتتحرر أجسادنا من كسلها فتعمر المساجد قياما وقعود, وتغسل القلوب من عوالق حب الدنيا ليرجع الواحد منا بعد رمضان شخص جديد أقرب الى الصراط المستقيم بعد أن تاه وبعد عنه خلال الشهور الخاليه.

كل رمضان وأنتم بخير

رياض غوشه
20 يونيو 2015